ﺠﻦ ( ﺍﺳﻢ ﺟﻤﻊ "ﺟﺎﻥ " ﻭ "ﺟﻨﺔ " ﻭﻣﻔﺮﺩﻫﺎ " ﺟﻨﻲ ("
ﻫﻢ ﻭﺑﺤﺴﺐ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ ﻭﺍﻷﺳﺎﻃﻴﺮ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ
ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺭﺅﻳﺘﻬﺎ
ﻋﺎﺩﺓ، ﻭﻫﻲ ﺧﺎﺭﻗﺔ ﻟﻠﻄﺒﻴﻌﺔ، ﻟﻬﺎ ﻋﻘﻮﻝ ﻭﻓﻬﻢ، ﻭﻳﻘﺎﻝ
ﺇﻧﻤﺎ ﺳﻤﻴﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺘﻘﻲ ﻭﻻ ﺗﺮﻯ . ﻟﻢ ﻳﻨﻜﺮ
ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ، ﺑﻞ ﺃُﻓﺮﺩ
ﺟﺰﺀﺍ ﻟﻴﺲ ﺑﻴﺴﻴﺮ ﻟﻴﺘﺤﺪﺙ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﺰﺍﻭﺟﺎ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ﺑﻴﻦ
"ﺍﻹﻧﺲ " (ﺃﻱ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺸﺮ) ﻭ" ﺍﻟﺠﻦ ﻭﺍﻟﺠﻨﺔ ."
ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺑﻮﺟﻮﺩﻫﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻫﻮﺍﺋﻴﺔ
ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺸﻜﻞ ﺑﺄﺷﻜﺎﻝ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻬﺎ ﻭﻗﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ
ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻗﺔ، ﻛﻤﺎ ﺃﺟﻤﻊ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻗﺎﻃﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ
ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺒﻌﻮﺙ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻦ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺒﻌﻮﺙ ﺇﻟﻰ
ﺍﻹﻧﺲ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ: ﻗُﻞْ ﺃَﻱُّ ﺷَﻲْﺀٍ ﺃَﻛْﺒَﺮُ
ﺷَﻬَﺎﺩﺓً ﻗُﻞِ ﺍﻟﻠّﻪِ ﺷَﻬِﻴﺪٌ ﺑِﻴْﻨِﻲ ﻭَﺑَﻴْﻨَﻜُﻢْ ﻭَﺃُﻭﺣِﻲَ ﺇِﻟَﻲَّ ﻫَﺬَﺍ
ﺍﻟْﻘُﺮْﺁﻥُ ﻷُﻧﺬِﺭَﻛُﻢ ﺑِﻪِ ﻭَﻣَﻦ ﺑَﻠَﻎَ ﺃَﺋِﻨَّﻜُﻢْ ﻟَﺘَﺸْﻬَﺪُﻭﻥَ ﺃَﻥَّ ﻣَﻊَ
ﺍﻟﻠّﻪِ ﺁﻟِﻬَﺔً ﺃُﺧْﺮَﻯ ﻗُﻞ ﻻَّ ﺃَﺷْﻬَﺪُ ﻗُﻞْ ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﻫُﻮَ ﺇِﻟَـﻪٌ ﻭَﺍﺣِﺪٌ
ﻭَﺇِﻧَّﻨِﻲ ﺑَﺮِﻱﺀٌ ﻣِّﻤَّﺎ ﺗُﺸْﺮِﻛُﻮﻥَ [ 1 ] (ﺳﻮﺭﺓ
ﺍﻷﻧﻌﺎﻡ، ﺍﻵﻳﺔ 19 )، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺳﻮﺭﺓ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ
ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﺳﻤﻬﺎ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺠﻦ .
ﺳﺒﺐ ﺗﺴﻤﻴﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﺠﻦ
ﺳﻤﻮﺍ ﺟﻨﺎ ﻻﺳﺘﺘﺎﺭﻫﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ، ﻓﻬﻢ ﻳﺮﻭﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ
ﻭﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺭﺅﻳﺘﻬﻢ، ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﻌﺮﻭﻓﺔ ﻭﺍﻟﺪﻟﻴﻞ
ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ: ﻳَﺎ ﺑَﻨِﻲ ﺁﺩَﻡَ ﻟَﺎ ﻳَﻔْﺘِﻨَﻨَّﻜُﻢُ ﺍﻟﺸَّﻴْﻄَﺎﻥُ ﻛَﻤَﺎ
ﺃَﺧْﺮَﺝَ ﺃَﺑَﻮَﻳْﻜُﻢْ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﺠَﻨَّﺔِ ﻳَﻨْﺰِﻉُ ﻋَﻨْﻬُﻤَﺎ ﻟِﺒَﺎﺳَﻬُﻤَﺎ ﻟِﻴُﺮِﻳَﻬُﻤَﺎ
ﺳَﻮْﺁﺗِﻬِﻤَﺎ ﺇِﻧَّﻪُ ﻳَﺮَﺍﻛُﻢْ ﻫُﻮَ ﻭَﻗَﺒِﻴﻠُﻪُ ﻣِﻦْ ﺣَﻴْﺚُ ﻟَﺎ ﺗَﺮَﻭْﻧَﻬُﻢْ ﺇِﻧَّﺎ
ﺟَﻌَﻠْﻨَﺎ ﺍﻟﺸَّﻴَﺎﻃِﻴﻦَ ﺃَﻭْﻟِﻴَﺎﺀَ ﻟِﻠَّﺬِﻳﻦَ ﻟَﺎ ﻳُﺆْﻣِﻨُﻮﻥَ
[ 2] (ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ ، ﺍﻵﻳﺔ 27)، ﻭﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﺇﻥ
ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻻ ﻳﺮﻯ ﺍﻟﺠﻦ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺭﺗﻬﻢ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﺧﻠﻘﻮﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻟﻜﻦ ﻗﺪ ﻧﺮﺍﻫﻢ ﺑﺼﻮﺭ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﺘﺠﺴﺪﻳﻦ
ﻟﻬﺎ ﺃﻭ ﻭﻫﻤﺎ ﻟﻠﻌﻘﻞ ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺼﻞ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻟﻤﺴﺤﻮﺭﻳﻦ.
ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺑﺎﻟﺠﻦ
ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎً ﻳﻘﻴﻨﻴﺎً ﺑﻮﺟﻮﺩ ﻛﺎﺋﻨﺎﺕ ﺧﺎﺭﻗﺔ
ﺗﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺠﻦ ﻭﻳﻌﺘﻘﺪ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﺑﺄﻥ ﻟﻠﺠﻦ ﻗﻮﻯ
ﺧﺎﺭﻗﺔ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺠﻦ ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻬﺎ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺇﻟﺤﺎﻕ
ﺍﻷﺫﻯ ﺑﻬﻢ ﻭﺇﻥ ﺃﺟﺴﺎﻡ ﺍﻟﺠﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﺎﺩﻳﺔ ﻭﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺘﺸﻜﻞ ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺮﻳﺪﻩ . ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺤﺴﻮﺱ
ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺮﺍﻩ ﻭﻧﻌﻴﺸﻪ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ﻭﺍﻟﻌﺠﻴﺐ ﻓﻜﻴﻒ
ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺨﻔﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ ﻣﻤﺎ ﻻ ﻧﺮﺍﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﻴﺐ
ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺣﺘﺠﺐ ﻋﻦ ﻧﺎﻇﺮﻧﺎ، ﻓﺎﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻣﺠﺒﻮﻟﺔ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻨﻘﻴﺐ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻣﻦ ﻋﻮﺍﻟﻢ
ﺧﻔﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﺩﻭﻧﻬﺎ ﺍﻷﻗﺪﻣﻮﻥ ﻭﻛﻤﺎ ﻭﺭﺩﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺐ
ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻳﺔ ﺃﻭ ﻛﻤﺎ ﺣﻜﻰ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻟﻘﺼﺎﺻﻮﻥ ﻭﺍﻟﺪﺟﺎﻟﻮﻥ
ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻛﺜﻴﺮ، ﻣﻦ ﺗﺴﻠﻂ ﺍﻟﺠﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﺲ ﻭﺃﺫﻳﺘﻬﻢ
ﻟﻬﻢ، ﻭﺇﻥ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﻤﺴﻠَّﻢ ﺑﻬﺎ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻋﺮﺿﺔ
ﻟﻸﺧﻄﺎﺭ ﻭﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﻭﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺗﺼﻔﻮ ﻟﻪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﻳﻌﻴﺶ
ﺑﻼ ﻣﻨﻐﺼﺎﺕ، ﻓﻴﻘﻊ ﻋﻘﻠﻪ ﻓﺮﻳﺴﺔ ﺍﻟﻮﻫﻢ ﻭﺗﺴﻠﻂ ﺍﻟﺠﻦ.
ﻭﺍﺗﺴﻌﺖ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﺸﻜﻮﻯ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ
ﻭﺃﻣﺮﺍﺽ ﺍﻟﺼﺮﻉ ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﻳﻨﺴﺐ ﺃﻛﺜﺮﻫﺎ ﻟﻌﺎﻟﻢ
ﺍﻟﺠﻦ ﻭﺍﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ، ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺣﻴﺮﺓ ﻭﻭﻗﻊ
ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻓﺮﻳﺴﺔ ﺍﻷﻭﻫﺎﻡ ﻭﺗﺴﻠﻂ ﺍﻟﻤﺸﻌﻮﺫﻳﻦ، ﻭﻫﺬﺍ
ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺍﺯﺩﻫﺎﺭ ﻣﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻓﻴﻦ ﻭﻗﺮﺍﺀ ﺍﻟﻜﻒ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ
ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﻌﻮﺫﻳﻦ ﻭﺍﻏﺘﺮﺍﺭ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻬﻢ ﻟﺠﻬﻠﻬﻢ، ﻭﻟﻴﺲ
ﻭﺭﺍﺀ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺠﻬﻠﺔ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﻀﻴﺎﻉ ﻭﺍﻟﺸﺮ، ﻭﻻ ﻳﻮﺟﺪ
ﺩﺍﺀ ﺇﻻ ﻭﻟﻪ ﺩﻭﺍﺀ، ﻭﺩﺍﺀ ﺍﻟﺠﻬﻞ ﺩﻭﺍﺀﻩ ﺍﻟﻌﻠﻢ .
ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﺠﻦ ﻗﺪﻳﻢ ﺟﺪًﺍ، ﻭﻫﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻴﺜﻮﻟﻮﺟﻴﺎ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﻤﺤﺘﺠﺒﺔ ﻋﻦ ﻋﻴﻮﻥ
ﺍﻟﺒﺸﺮ. ﻭﻳﺴﻤﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ( Demonology)،
ﻭﻳﻌﻨﻲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ (ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ )، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ
ﻛﻤﺎ ﺗﻌﺮﻓﻪ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻳﺒﺤﺚ ﻓﻲ
ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺪﺍﺕ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻬﺎ، ﻛﻤﺎ
ﻳﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﻣﺬﻫﺐ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺠﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ.
ﺣﻴﺚ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻳﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺠﻦ
ﻭﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ . ﻓﺎﻟﺠﻦ ﻟﻴﺴﺖ ﺷﻴﺎﻃﻴﻦ ﺣﺴﺐ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ ﻫﻢ ﻓﺌﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻦ
ﺗﻌﺼﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺗﻮﺳﻮﺱ ﻟﻠﻨﺎﺱ. ﻭﺃﻧﻜﺮ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ
ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻭﺟﻮﺩﻫﻢ ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﺎﻟﺠﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺐ
ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻫﻮ ﻧﻮﺍﺯﻉ ﺍﻟﺸﺮ ﻋﻨﺪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ، ﻭﺍﻟﻘﻮﻯ
ﺍﻟﺨﺒﻴﺜﺔ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﺎﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻫﻮ ﻧﻮﺍﺯﻉ ﺍﻟﺨﻴﺮ
ﺣﺴﺐ ﺯﻋﻤﻬﻢ .
ﻭﺃﻧﻜﺮﺕ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺟﻮﺩﻫﻢ ﺇﻧﻜﺎﺭﺍ ﻛﻠﻴًﺎ ﻭﺯﻋﻢ
ﻗﺴﻢ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﻫﻮ ﺃﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﻜﻮﺍﻛﺐ، ﻭﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ
ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﻳﻔﺴﺮ ﺍﻟﺠﻦ
ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺇﻧﻬﻢ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻣﺴﺘﺘﺮﻳﻦ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ
ﺇﻳﻤﺎﻧﻬﻢ ﻭﻛﻔﺮﻫﻢ، ﻭﺧﻴﺮﻫﻢ ﻭﺷﺮﻫﻢ، ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ
ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺒﻬﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪِ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺠﻦ ﺇﻥ
ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﺎﻟﺠﻦ ﻫﻢ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ، ﻓﺎﻟﺠﻦ ﻭﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻋﻨﺪﻩُ
ﻋﺎﻟﻢ ﻭﺍﺣﺪ ﻻ ﻓﺮﻕ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ.
ﻭﺯﻋﻢ ﻓﺮﻳﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺪﺛﻴﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﻦ ﻫﻢ ﺍﻟﺠﺮﺍﺛﻴﻢ
ﻭﺍﻟﻤﻴﻜﺮﻭﺑﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﻴﺐ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻷﻣﺮﺍﺽ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺸﻒ
ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺣﺪﻳﺜًﺎ ﻭﻫﺬﺍ ﻭﻫﻢ ﻭﺧﺮﺍﻓﺔ ﻻ ﺃﺻﻞ ﻟﻬﺎ،
ﻓﺎﻟﺠﻦ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﺎﺩﻱ ﻟﺤﻴﺎﺓ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﻭﺭﺩ ﺫﻛﺮﻫﻢ ﻓﻲ
ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻳﺔ، ﻭﺍﻟﺠﺮﺍﺛﻴﻢ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻴﺎﺀ
ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺔ، ﻭﺍﻧﺘﺸﺮﺕ ﻓﻜﺮﺓ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﻦ ﻫﻢ ﻣﻦ
ﻧﻘﻞ ﺍﻟﻄﺎﻋﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ، ﻭﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ
ﻭﻗﺘﻨﺎ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﻻ ﻳﻌﺘﻘﺪﻭﻥ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﺠﻦ .
ﻭﻟﻜﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺠﻦ ﺧﻠﻖ ﺁﺧﺮ ﻏﻴﺮ ﺍﻹﻧﺲ ﻭﻏﻴﺮ ﻋﺎﻟﻢ
ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻭﺍﻷﺭﻭﺍﺡ. ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﺠﻦ ﻭﺍﻹﻧﺲ ﻗﺪﺭ ﻣﺸﺘﺮﻙ
ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻹﺗﺼﺎﻑ ﺑﺼﻔﺔ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﻣﻦ ﺣﻴﺚ
ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺸﺮ ﻭﺍﻟﺨﻴﺮ، ﻭﻣﻦ ﺣﻴﺚ
ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻭﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﺫﻛﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﻘﻮﻟﻪ :
ﻭَﻣَﺎ ﺧَﻠَﻘْﺖُ ﺍﻟْﺠِﻦَّ ﻭَﺍﻟْﺈِﻧْﺲَ ﺇِﻟَّﺎ ﻟِﻴَﻌْﺒُﺪُﻭﻥِ
[ 3] (ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺬﺍﺭﻳﺎﺕ، ﺍﻵﻳﺔ 56)، ﻭﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ:
ﻭَﺍﻟْﺠَﺎﻥَّ ﺧَﻠَﻘْﻨَﺎﻩُ ﻣِﻦْ ﻗَﺒْﻞُ ﻣِﻦْ ﻧَﺎﺭِ
ﺍﻟﺴَّﻤُﻮﻡِ [ 4] (ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺤﺠﺮ ، ﺍﻵﻳﺔ 27 ).
ﻓﻮﺭﺩ ﺫﻛﺮﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ: ﺑﻠﻔﻆ ﺍﻟﺠﻦ ﻭﺍﻟﺠﺎﻥ، 32
ﻣﺮﺓ، ﻭﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ 87 ﻣﺮﺓ، ﻭﺫﻛﺮ ﺇﺑﻠﻴﺲ 11 ﻣﺮﺓ.
ﻭﺍﻟﺨﻼﺻﺔ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺠﻦ ﻋﺎﻟﻢ ﺛﺎﻟﺚ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻭﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ،
ﻭﻫﻢ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﻭﻭﺍﻋﻴﺔ ﻣﺪﺭﻛﺔ ﻟﻴﺴﻮﺍ ﺃﻋﺮﺍﺽ
ﺃﻣﺮﺍﺽ ﺃﻭ ﺟﺮﺍﺛﻴﻢ، ﻭﻻ ﻭﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺟﺎﻟﻴﻦ، ﺑﻞ ﻫﻢ
ﺧﻠﻖ ﻣﻜﻠﻒ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻭﺍﻷﺩﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﻣﻦ
ﺍﻟﺘﻮﺭﺍﺓ ﻭﺍﻹﻧﺠﻴﻞ ﻭﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻛﻤﺎ ﺃﻗﺮ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ
ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻫﺬﺍ ﻷﻥ ﻭﺟﻮﺩﻫﻢ ﺧﺒﺮ ﻣﺘﻮﺍﺗﺮ ﻋﻦ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ
ﻭﺍﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ، ﻭﺟﻤﻬﻮﺭ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﻳﻘﺮ ﺑﻬﻢ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ
ﻳﻨﻜﺮ ﻭﺟﻮﺩﻫﻢ ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻜﺮ ﻭﺟﻮﺩﻫﻢ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ
ﻛﺎﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ ﻭﺍﻟﺠﻬﻤﻴﺔ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻤﻦ
ﻳﺮﺍﻫﻢ ﻭﻳﺴﻤﻌﻬﻢ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ ﺃﻧﻬﻢ ﺟﻦ ﺑﻞ ﻳﺰﻋﻤﻮﻥ ﺃﻧﻬﻢ
ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﻐﻴﺐ ﺃﻭ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ، ﻭﻋﺪﻡ
ﺭﺅﻳﺘﻬﻢ ﻟﻴﺲ ﻏﺮﻳﺒًﺎ ﻓﻘﺪ ﺛﺒﺖ ﻋﻠﻤﻴًﺎ ﻋﺪﻡ ﻗﺪﺭﺓ ﺍﻷﺣﻴﺎﺀ
ﻋﻠﻰ ﺭﺅﻳﺔ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺑﻞ ﺇﻥ ﺍﻟﻨﺤﻞ ﻳﺮﻯ ﺍﻷﺷﻌﺔ ﻓﻮﻕ
ﺍﻟﺒﻨﻔﺴﺠﻴﺔ ﻭﻻ ﻳﺮﺍﻫﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﻬﻮ ﻳﺘﺤﺴﺲ
ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻮ ﺍﻟﻐﺎﺋﻢ، ﻭﻃﻴﺮ ﺍﻟﺒﻮﻣﺔ ﺗﺮﻯ ﺍﻟﻔﺄﺭ
ﻓﻲ ﻇﻠﻤﺔ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺍﻟﺒﻬﻴﻢ، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﻛﻨﺎ ﻻ ﻧﺮﻯ ﺟﻨًﺎ
ﻓﺒﻌﺾ ﺍﻷﺣﻴﺎﺀ ﻳﺮﻭﻧﻬﻢ ﻛﺎﻟﺤﻤﺎﺭ ﻭﺍﻟﻜﻠﺐ ، ﻓﻘﺪ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ
ﻛﺘﺐ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﻓﻲ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﺴﻨﺪ
ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﻣﺮﻓﻮﻉ ﺻﺤﻴﺢ ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﻗﻮﻟﻪ :
"ﺇﺫﺍ ﺳﻤﻌﺘﻢ ﻧﺒﺎﺡ ﺍﻟﻜﻼﺏ ﻭﻧﻬﻴﻖ ﺍﻟﺤﻤﻴﺮ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ،
ﻓﺘﻌﻮﺫﺍ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ، ﻓﺈﻧﻬﻦ ﻳﺮﻭﻥ ﻣﺎ ﻻ
ﺗﺮﻭﻥ"[ 5 ]. ﻛﻤﺎ ﺃﺧﺒﺮﺗﻨﺎ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻳﺔ ﻋﻦ ﺗﺴﺨﻴﺮ
ﺍﻟﺠﻦ ﻟﻠﻨﺒﻲ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ، ﻓﻜﺎﻧﻮﺍ ﻳﻘﻮﻣﻮﻥ ﻟﻪ ﺑﺄﻋﻤﺎﻝ ﻛﺜﻴﺮﺓ
ﺗﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻭﺍﻟﻘﺪﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﻤﻬﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﺎﺋﻘﺔ،
ﻭﻭﺭﺩ ﺫﻛﺮ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ :
ﻭَﻟِﺴُﻠَﻴْﻤَﺎﻥَ ﺍﻟﺮِّﻳﺢَ ﻏُﺪُﻭُّﻫَﺎ ﺷَﻬْﺮٌ ﻭَﺭَﻭَﺍﺣُﻬَﺎ ﺷَﻬْﺮٌ
ﻭَﺃَﺳَﻠْﻨَﺎ ﻟَﻪُ ﻋَﻴْﻦَ ﺍﻟْﻘِﻄْﺮِ ﻭَﻣِﻦَ ﺍﻟْﺠِﻦِّ ﻣَﻦْ ﻳَﻌْﻤَﻞُ ﺑَﻴْﻦَ ﻳَﺪَﻳْﻪِ
ﺑِﺈِﺫْﻥِ ﺭَﺑِّﻪِ ﻭَﻣَﻦْ ﻳَﺰِﻍْ ﻣِﻨْﻬُﻢْ ﻋَﻦْ ﺃَﻣْﺮِﻧَﺎ ﻧُﺬِﻗْﻪُ ﻣِﻦْ ﻋَﺬَﺍﺏِ
ﺍﻟﺴَّﻌِﻴﺮِ [6 ] (ﺳﻮﺭﺓ ﺳﺒﺄ ، ﺍﻵﻳﺔ 12 ).
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ: " ﻟﻢ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﻃﻮﺍﺋﻒ
ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺠﻦ، ﻭﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﺭﺳﻞ ﻣﺤﻤﺪﺍ
ﺇﻟﻴﻬﻢ، ﻭﺟﻤﻬﻮﺭ ﻃﻮﺍﺋﻒ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﺛﺒﺎﺕ ﺍﻟﺠﻦ، ﺃﻣﺎ
ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻓﻬﻢ ﻣﻘﺮﻭﻥ ﺑﻬﻢ
ﻛﺈﻗﺮﺍﺭ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﺇﻥ ﻭﺟﺪ ﻓﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﻨﻜﺮ ﺫﻟﻚ، ﻛﻤﺎ
ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﻳﻨﻜﺮﻩ ...) [7 ]. ﻭﻳﻌﺘﺒﺮ ﻛﻞ
ﺷﻴﻄﺎﻥ ﺟﻨﺎ ﻭﻟﻴﺲ ﻛﻞ ﺟﻦ ﺷﻴﻄﺎﻧﺎ، ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻥ
ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻫﻮ ﺟﺎﻥ ﻛﺎﻓﺮ ﻭﺍﻟﺠﻦ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ ﺷﻴﻄﺎﻥ. ﻭﺍﻟﺠﺎﻥ
ﻣﺜﻞ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻳﺘﺒﻊ ﻛﻞ ﺍﻟﺪﻳﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﺒﻌﻬﺎ ﺍﻹﻧﺲ
ﻣﺜﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ... ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻻ
ﻳﺘﺒﻊ ﻟﺪﻳﻦ ﻣﻌﻴﻦ . ﻭﺍﻟﺠﻦ ﺃﺳﺮﻉ ﻣﻦ ﺍﻹﻧﺲ ﺣﺮﻛﺔ ﻭﺗﻨﻘﻼ
ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﻨﺎﻗﻼ ﻟﻠﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ.
ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺠﻦ ﻭﻣﻨﺸﺄﻫﻢ
ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺠﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ . ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺠﻦ ﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﻋﺒﺪ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ. ﻛﻤﺎ ﺫﻛﺮﻩ ﺍﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ
ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ . ﻟﻜﻦ ﺃﺗﺖ ﺃﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻦ، ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﺃﻥ
ﻳﺪﺍﻭﻣﻮﺍ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﻟﻠﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺃﻧﻌﻢ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻌﻢ،
ﻓﺴﺪﻭﺍ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﺑﺴﻔﻜﻬﻢ ﻟﻠﺪﻣﺎﺀ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ . ﻭﺃﻣﺮ
ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻨﻮﺩﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺑﻐﺰﻭ ﺍﻷﺭﺽ ﻻﺟﺘﺜﺎﺙ ﺍﻟﺸﺮّ
ﺍﻟﺬﻱ ﻋﻤﻬﺎ ﻭﻋﻘﺎﺏ ﺑﻨﻲ ﺍﻟﺠﻦ ﻋﻠﻰ ﺇﻓﺴﺎﺩﻫﻢ ﻓﻴﻬﺎ.
ﻏﺰﺕ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻗﺘﻠﺖ ﻣﻦ ﻗﺘﻠﺖ ﻭﺷﺮﺩﺕ ﻣﻦ
ﺷﺮﺩﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻦ. ﻭﻓﺮّ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻦ ﻧﻔﺮ ﻗﻠﻴﻞ، ﺍﺧﺘﺒﺌﻮﺍ
ﺑﺎﻟﺠﺰﺭ ﻭﺃﻋﺎﻟﻲ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ. ﻭﺃﺳﺮ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻦ
(ﺇﺑﻠﻴﺲ ) ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﺣﻴﻨﺬﺍﻙ ﺻﻐﻴﺮﺍً، ﻭﺃﺧﺬﻭﻩ ﻣﻌﻬﻢ
ﻟﻠﺴﻤﺎﺀ . ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺃﺻﺒﺢ ﻋﺒﺪﺍ ﺷﺎﻛﺮ ﻟﻠﻪ .[ 8]
ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﺁﺩﻡ ﻭﺃﻣﺮ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺑﺎﻟﺴﺠﻮﺩ ﻟﻪ،
ﺗﻜﺒﺮ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﻭﻋﺎﺩ ﻷﺻﻠﻪ . ﻓﺮﻓﺾ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﺍﻟﺴﺠﻮﺩ ﻇﻨﺎ
ﻣﻨﻪ ﺃﻧﻪ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺁﺩﻡ ﻷﻧﻪ ﻣﺨﻠﻮﻕ ﻣﻦ ﻧﺎﺭ ﻭﺁﺩﻡ ﻣﻦ
ﺗﺮﺍﺏ ﻓﻌﺼﻰ ﺃﻣﺮ ﺭﺑﻪ. ﻓﻄﺮﺩﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺭﺣﻤﺘﻪِ ﻭﻟﻜﻦ
ﺇﺑﻠﻴﺲ ﻃﻠﺐ ﺃﻥ ﻳﻤﺪ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﺣﺘﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ
ﻟﻺﻧﺘﻘﺎﻡ ﻣﻦ ﺁﺩﻡ ﻓﺄﻋﻄﺎﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﺫﻟﻚ ﻭﺑﺪﺃ ﻳﺘﻜﻮﻥ ﻋﺎﻟﻢ
ﺍﻟﺠﻦ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ. ﻭﻟﻘﺪ ﻭﺭﺩ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﺑﻠﻔﻆ ﺁﺧﺮ
ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ: ﻗَﺎﻝَ ﻓَﺄَﻧﻈِﺮْﻧِﻲ
ﺇِﻟَﻰ ﻳَﻮْﻡِ ﻳُﺒْﻌَﺜُﻮﻥَ [9 ] (ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ،
ﺍﻵﻳﺔ 14) ، ﻓﺄﺟﺎﺑﻪُ ﺍﻟﻠﻪ : ﻗَﺎﻝَ ﻓَﺈِﻧَّﻚَ ﻣِﻦَ
ﺍﻟْﻤُﻨْﻈَﺮِﻳﻦَ ﺇِﻟَﻰ ﻳَﻮْﻡِ ﺍﻟْﻮَﻗْﺖِ ﺍﻟْﻤَﻌْﻠُﻮﻡِ
[10 ] (ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺤﺠﺮ ، ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺤﺠﺮ، ﺍﻵﻳﺘﺎﻥ 36 ﻭ
37) .
ﻭﺃﺻﻞ ﺧﻠﻘﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻛﻤﺎ ﻭﺭﺩ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ
ﺍﻵﻳﺎﺕ، ﻭﺍﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ ﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻦ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﺑﻠﻴﺲ ، ﻭﻗﺪ
ﺭﻭﻱ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺴﻴﺮﺓ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﺃﻥ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﺗﺸﻜﻞ ﻓﻲ
ﻫﻴﺌﺔ ﺷﻴﺦ ﻧﺠﺪﻱ ﻋﻨﺪ ﺍﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﻓﻲ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﺪﻭﺓ
ﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﺃﺷﺎﺭ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺑﻘﺘﻞ ﺍﻟﻨﺒﻲ
ﻣﺤﻤﺪ ﺃﻭ ﺣﺒﺴﻪ ﺃﻭ ﺇﺧﺮﺍﺟﻪ ﻣﻦ ﻣﻜﺔ. ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﺴﻦ
ﺍﻟﺒﺼﺮﻱ: ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻃﺮﻓﺔ ﻋﻴﻦ.
ﻭﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻵﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ: ﻭَﺇِﺫْ ﻗُﻠْﻨَﺎ ﻟِﻠْﻤَﻠَﺎﺋِﻜَﺔِ
ﺍﺳْﺠُﺪُﻭﺍ ﻟِﺂَﺩَﻡَ ﻓَﺴَﺠَﺪُﻭﺍ ﺇِﻟَّﺎ ﺇِﺑْﻠِﻴﺲَ ﻛَﺎﻥَ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﺠِﻦِّ
ﻓَﻔَﺴَﻖَ ﻋَﻦْ ﺃَﻣْﺮِ ﺭَﺑِّﻪِ ﺃَﻓَﺘَﺘَّﺨِﺬُﻭﻧَﻪُ ﻭَﺫُﺭِّﻳَّﺘَﻪُ ﺃَﻭْﻟِﻴَﺎﺀَ ﻣِﻦْ
ﺩُﻭﻧِﻲ ﻭَﻫُﻢْ ﻟَﻜُﻢْ ﻋَﺪُﻭٌّ ﺑِﺌْﺲَ ﻟِﻠﻈَّﺎﻟِﻤِﻴﻦَ ﺑَﺪَﻟًﺎ
[11 ] (ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻜﻬﻒ ، ﺍﻵﻳﺔ 50)، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ
ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴﻠﻢ، ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ
ﻗﻮﻟﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺧﻠﻘﻮﺍ ﻣﻦ ﻧﻮﺭ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺠﻦ ﺧﻠﻘﻮﺍ
ﻣﻦ ﻧﺎﺭ ، ﻭﺃﻥ ﺁﺩﻡ ﺧﻠﻖ ﻣﻦ ﻃﻴﻦ.
ﻭﻗﺪ ﻳﺮﺩ ﺗﺴﺎﺅﻝ ﻫﻞ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻫﻮ ﺃﺻﻞ ﺍﻟﺠﻦ ﺃﻡ ﻫﻮ
ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ؟ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﺃﺑﻴﻦ ﻭﺃﻭﺿﺢ
ﻟﻮﺭﻭﺩﻩ ﻓﻲ ﺍﻵﻳﺔ: ( ﺇِﻟَّﺎ ﺇِﺑْﻠِﻴﺲَ ﻛَﺎﻥَ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﺠِﻦِّ)، ﻭﻟﻜﻦ
ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺭﺃﻱ ﻻﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺃﺻﻞ
ﺍﻟﺠﻦ ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺁﺩﻡ ﺃﺻﻞ ﺍﻹﻧﺲ .[ 12] ﻭﻳﻘﻮﻝ
ﺍﻟﻤﺴﻌﻮﺩﻱ: ﻭﻣﺎ ﺫﻛﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺧﺒﺎﺭ ﻓﻲ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ
ﻫﻮ ﻣﺎ ﺟﺎﺀﺕ ﺑﻪ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﻧﻘﻠﻪُ ﺍﻟﺨﻠﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻠﻒ،
ﻭﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ، ﻓﻌﺒﺮﻧﺎ ﻋﻨﻬﻢ ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﻭﺭﺩ ﻣﻦ
ﺃﻟﻔﺎﻇﻬﻢ ﻭﻭﺟﺪﻧﺎﻩ ﻓﻲ ﻛﺘﺒﻬﻢ. ﻭﺣﻜﻰ ﺍﻟﺸﻬﺮﺳﺘﺎﻧﻲ
ﻓﻲ ﺃﻭﻝ ﻛﺘﺎﺑﻪِ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻠﻞ ﻭﺍﻟﻨﺤﻞ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﻣﺎﺭﻱ
ﺷﺎﺭﺡ ﺍﻷﻧﺎﺟﻴﻞ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ، ﻭﻫﻲ ﻣﺬﻛﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻮﺭﺍﺓ
ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﻣﻨﺎﻇﺮﺓ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻭﺑﻴﻦ
ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﺴﺠﻮﺩ ﻵﺩﻡ، ﻓﻲ ﺧﺘﺎﻣﻬﺎ ﻗﺎﻝ
ﺷﺎﺭﺡ ﺍﻷﻧﺎﺟﻴﻞ: ﻓﺄﻭﺣﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺳﺮﺍﺩﻗﺎﺕ
ﺍﻟﺠﻼﻝ ﻭﺍﻟﻜﺒﺮﻳﺎﺀ، ﻳﺎ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﺇﻧﻚ ﻣﺎ ﻋﺮﻓﺘﻨﻲ، ﻭﻟﻮ
ﻋﺮﻓﺘﻨﻲ ﻟﻌﻠﻤﺖ ﺃﻧﻨﻲ ﻻ ﺃﺳﺄﻝ ﻋﻤﺎ ﺃﻓﻌﻞ . ﻭﺑﺬﻟﻚ
ﺳﻘﻄﺖ ﺷﺒﻬﺎﺕ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ.
ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺠﻦ
ﺗﺘﺤﺪﺙ ﺍﻷﺩﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺠﻦ ﻭﺃﻧﻮﺍﻋﻪ
ﻓﻴﺬﻛﺮ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﺒﻴﻴﻦ ﻣﻨﻬﺎ :[13 ]
ﺟﻦ ﻭﻣﻔﺮﺩﻫﺎ ﺟﻨﻲ.
ﺷﻴﻄﺎﻥ ﻭﺟﻤﻌﻬﺎ ﺷﻴﺎﻃﻴﻦ.
ﻣﺎﺭﺩ ﻭﺟﻤﻌﻬﺎ ﻣﺮﺩﺓ .
ﻋﻔﺮﻳﺖ ﻭﺍﻟﺠﻤﻊ ﻋﻔﺎﺭﻳﺖ.
ﺍﻟﻘﺮﻳﻦ .
ﺍﻟﻌﻤﺎﺭ ﻭﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺯﻟﻨﺎ ﻭﻳﻤﻨﻌﻮﻥ
ﺍﻟﺠﻦ ﺑﺪﺧﻮﻝ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ ﻭﻳﺴﻤﻮﻥ ﺃﻳﻀﺎ ﺑﺎﻟﺤﺎﻣﻴﺔ، ﻭﻻ
ﻳﺼﻠﺢ ﺃﻱ ﻋﻤﻞ ﺭﻭﺣﺎﻧﻲ ﺇﻻ ﺑﺼﺮﻓﻬﻢ.
ﺃﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﺑﻴﺎﺕ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻓﻮﺭﺩﺕ ﺃﻳﻀﺎ ﺗﺼﻨﻴﻔﺎﺕ ﻟﻬﺎ
ﻓﻘﻞ ﻫﻲ ﺛﻼﺙ ﺃﺻﻨﺎﻑ ﻭﻗﺪ ﺭﻭﻯ ﺍﻟﻄﺒﺮﻱ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ
ﺣﺴﻦ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺛﻌﻠﺒﺔ ﺍﻟﺨﺸﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ : "ﺍﻟﺠﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺻﻨﺎﻑ : ﻟﻬﻢ ﺃﺟﻨﺤﺔ
ﻳﻄﻴﺮﻭﻥ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ، ﻭﺻﻨﻒ ﺣﻴﺎﺕ، ﻭﺻﻨﻒ ﻳﺤﻠﻮﻥ
ﻭﻳﻈﻌﻨﻮﻥ ."
ﺍﻟﺠﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ
ﻳﺠﻤﻊ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺇﻗﺮﺍﺭ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﻭﻗﺪ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ
ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ: ﻭَﺍﻟْﺠَﺎﻥَّ ﺧَﻠَﻘْﻨَﺎﻩُ ﻣِﻦْ ﻗَﺒْﻞُ ﻣِﻦْ ﻧَﺎﺭِ
ﺍﻟﺴَّﻤُﻮﻡِ [ 4] (ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺤﺠﺮ ، ﺍﻵﻳﺔ 27 ).
ﻭﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺳﻮﺭﺓ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺠﻦ ﻭﻫﻲ
ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺠﻦ. ﻭﻳﻘﻮﻡ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺘﺨﺼﺼﻴﻦ ﺑﺎﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻣﻦ
ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﺷﺨﺎﺹ ﻣﺴﻬﻢ ﺃﻭ ﺗﻠﺒَّﺴﻬﻢ ﺍﻟﺠﻦ
ﻹﺧﺮﺍﺟﻬﻢ ﻭﻳﺤﺪﺙ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻣﺨﺎﻃﺒﺔ ﺍﻟﺠﻨﻲ ﻭﻣﺠﺎﺩﻟﺘﻪ .
ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺭﺩﺕ ﻗﺼﺺ ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﻭﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻭﺍﺳﻊ ﻭﻳﻮﺟﺪ ﺑﻪ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺎﺕ
ﻭﺍﻷﻭﻫﺎﻡ .
ﺍﻷﺩﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ
ﻳَﺎ ﻣَﻌْﺸَﺮَ ﺍﻟْﺠِﻦِّ ﻭَﺍﻹِﻧﺲِ ﺃَﻟَﻢْ ﻳَﺄْﺗِﻜُﻢْ ﺭُﺳُﻞٌ ﻣِّﻨﻜُﻢْ
ﻳَﻘُﺼُّﻮﻥَ ﻋَﻠَﻴْﻜُﻢْ ﺁﻳَﺎﺗِﻲ ﻭَﻳُﻨﺬِﺭُﻭﻧَﻜُﻢْ ﻟِﻘَﺎﺀ ﻳَﻮْﻣِﻜُﻢْ ﻫَـﺬَﺍ
ﻗَﺎﻟُﻮﺍْ ﺷَﻬِﺪْﻧَﺎ ﻋَﻠَﻰ ﺃَﻧﻔُﺴِﻨَﺎ ﻭَﻏَﺮَّﺗْﻬُﻢُ ﺍﻟْﺤَﻴَﺎﺓُ ﺍﻟﺪُّﻧْﻴَﺎ
ﻭَﺷَﻬِﺪُﻭﺍْ ﻋَﻠَﻰ ﺃَﻧﻔُﺴِﻬِﻢْ ﺃَﻧَّﻬُﻢْ ﻛَﺎﻧُﻮﺍْ ﻛَﺎﻓِﺮِﻳﻦَ
[14 ] (ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻷﻧﻌﺎﻡ ، ﺍﻵﻳﺔ 130 ).
ﻭَﺍﻟْﺠَﺎﻥَّ ﺧَﻠَﻘْﻨَﺎﻩُ ﻣِﻦْ ﻗَﺒْﻞُ ﻣِﻦْ ﻧَﺎﺭِ
ﺍﻟﺴَّﻤُﻮﻡِ [ 4] (ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺤﺠﺮ ، ﺍﻵﻳﺔ 27 ).
ﻭَﻟَﻮْ ﺷِﺌْﻨَﺎ ﻟَﺂَﺗَﻴْﻨَﺎ ﻛُﻞَّ ﻧَﻔْﺲٍ ﻫُﺪَﺍﻫَﺎ ﻭَﻟَﻜِﻦْ ﺣَﻖَّ
ﺍﻟْﻘَﻮْﻝُ ﻣِﻨِّﻲ ﻟَﺄَﻣْﻠَﺄَﻥَّ ﺟَﻬَﻨَّﻢَ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﺠِﻨَّﺔِ ﻭَﺍﻟﻨَّﺎﺱِ
ﺃَﺟْﻤَﻌِﻴﻦَ [15] (ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺴﺠﺪﺓ، ﺍﻵﻳﺔ
13) .
ﻭَﻣَﺎ ﺧَﻠَﻘْﺖُ ﺍﻟْﺠِﻦَّ ﻭَﺍﻟْﺈِﻧْﺲَ ﺇِﻟَّﺎ
ﻟِﻴَﻌْﺒُﺪُﻭﻥِ [ 3] (ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺬﺍﺭﻳﺎﺕ ، ﺍﻵﻳﺔ 56 ).
ﻳَﺎ ﻣَﻌْﺸَﺮَ ﺍﻟْﺠِﻦِّ ﻭَﺍﻟْﺈِﻧْﺲِ ﺇِﻥِ ﺍﺳْﺘَﻄَﻌْﺘُﻢْ ﺃَﻥْ
ﺗَﻨْﻔُﺬُﻭﺍ ﻣِﻦْ ﺃَﻗْﻄَﺎﺭِ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﻭَﺍﺕِ ﻭَﺍﻟْﺄَﺭْﺽِ ﻓَﺎﻧْﻔُﺬُﻭﺍ ﻟَﺎ
ﺗَﻨْﻔُﺬُﻭﻥَ ﺇِﻟَّﺎ ﺑِﺴُﻠْﻄَﺎﻥٍ [16 ] (ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ،
ﺍﻵﻳﺔ 33) .
ﻗُﻞْ ﺃُﻭﺣِﻲَ ﺇِﻟَﻲَّ ﺃَﻧَّﻪُ ﺍﺳْﺘَﻤَﻊَ ﻧَﻔَﺮٌ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﺠِﻦِّ
ﻓَﻘَﺎﻟُﻮﺍ ﺇِﻧَّﺎ ﺳَﻤِﻌْﻨَﺎ ﻗُﺮْﺁَﻧًﺎ ﻋَﺠَﺒًﺎ [ 17] (ﺳﻮﺭﺓ
ﺍﻟﺠﻦ ، ﺍﻵﻳﺔ 1) .
ﻣِﻦْ ﺷَﺮِّ ﺍﻟْﻮَﺳْﻮَﺍﺱِ ﺍﻟْﺨَﻨَّﺎﺱِ ﺍﻟَّﺬِﻱ
ﻳُﻮَﺳْﻮِﺱُ ﻓِﻲ ﺻُﺪُﻭﺭِ ﺍﻟﻨَّﺎﺱِ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﺠِﻨَّﺔِ
ﻭَﺍﻟﻨَّﺎﺱِ [18] (ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﺍﻵﻳﺎﺕ 4،
5 ، ﻭ6 ).
ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺠﻦ ﻭﺑﻌﺾ
ﺃﺣﻮﺍﻟﻬﻢ، ﻭﻻ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻋﻦ ﺷﻲﺀ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻭﻻ
ﻧﺪﺭﻛﻪ ﻓﻬﻮ ﻣﻨﺰﻝ ﻷﺟﻠﻨﺎ ﻭﻟﻔﻬﻤﻨﺎ ﻭﺇﻥ ﻛﻨﺎ ﻻ ﻧﺮﺍﻫﻢ
ﻓﻠﺤﻜﻤﺔ ﺃﺭﺍﺩﻫﺎ ﺍﻟﻠﻪ، ﺣﻴﺚ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺳﺒﺐ
ﺍﺳﺘﺘﺎﺭﻫﻢ ﻋﻦ ﺃﻋﻴﻨﻨﺎ ﺑﻘﻮﻟﻪ : ﻳَﺎ ﺑَﻨِﻲ ﺁﺩَﻡَ ﻟَﺎ
ﻳَﻔْﺘِﻨَﻨَّﻜُﻢُ ﺍﻟﺸَّﻴْﻄَﺎﻥُ ﻛَﻤَﺎ ﺃَﺧْﺮَﺝَ ﺃَﺑَﻮَﻳْﻜُﻢْ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﺠَﻨَّﺔِ ﻳَﻨْﺰِﻉُ
ﻋَﻨْﻬُﻤَﺎ ﻟِﺒَﺎﺳَﻬُﻤَﺎ ﻟِﻴُﺮِﻳَﻬُﻤَﺎ ﺳَﻮْﺁﺗِﻬِﻤَﺎ ﺇِﻧَّﻪُ ﻳَﺮَﺍﻛُﻢْ ﻫُﻮَ ﻭَﻗَﺒِﻴﻠُﻪُ
ﻣِﻦْ ﺣَﻴْﺚُ ﻟَﺎ ﺗَﺮَﻭْﻧَﻬُﻢْ ﺇِﻧَّﺎ ﺟَﻌَﻠْﻨَﺎ ﺍﻟﺸَّﻴَﺎﻃِﻴﻦَ ﺃَﻭْﻟِﻴَﺎﺀَ ﻟِﻠَّﺬِﻳﻦَ
ﻟَﺎ ﻳُﺆْﻣِﻨُﻮﻥَ [2 ] (ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ، ﺍﻵﻳﺔ
27) .
ﺍﻷﺩﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ
ﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴﻠﻢ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﻗﺎﻝ: (ﻛﻨﺎ
ﻣﻊ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺫﺍﺕ ﻟﻴﻠﺔ
ﻓﻔﻘﺪﻧﺎﻩ ﻓﺎﻟﺘﻤﺴﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺍﻷﻭﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺸﻌﺎﺏ، ﻓﻘﻠﻨﺎ :
ﺃﺳﺘﻄﻴﺮ ﺃﻭ ﺍﻏﺘﻴﻞ، ﻓﺒﺘﻨﺎ ﺑﺸﺮ ﻟﻴﻠﺔ ﺑﺎﺕ ﺑﻬﺎ ﻗﻮﻡ، ﻓﻠﻤﺎ
ﺃﺻﺒﺤﻨﺎ ﺇﺫﺍ ﺑﻪ ﺟﺎﺀ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺣﺮﺍﺀ ﻓﻘﻠﻨﺎ: " ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ
ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻘﺪﻧﺎﻙ ﻭﻃﻠﺒﻨﺎﻙ ﻓﻠﻢ ﻧﺠﺪﻙ ﻓﺒﺘﻨﺎ ﺑﺸﺮ ﻟﻴﻠﺔ ﺑﺎﺕ
ﺑﻬﺎ ﻗﻮﻡ"، ﻓﻘﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: " ﺃﺗﺎﻧﻲ
ﺩﺍﻋﻲ ﺍﻟﺠﻦ ﻓﺬﻫﺒﺖ ﻣﻌﻪ ﻓﻘﺮﺃﺕ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ "، ﻗﺎﻝ
ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ: ﻓﺎﻧﻄﻠﻖ ﺑﻨﺎ، ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ،
ﻓﺄﺭﺍﻧﺎ ﺁﺛﺎﺭﻫﻢ ﻭﺁﺛﺎﺭ ﻧﻴﺮﺍﻧﻬﻢ ...) ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴﻠﻢ ﺑﺸﺮﺡ
ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ، 4/170 .[19 ]
ﻭﺭﻭﻱ ﻋﻦ ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴﻠﻢ ﻭﻣﺴﻨﺪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﻋﻦ
ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ، ﻗﺎﻝ : "ﺧﻠﻘﺖ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻣﻦ ﻧﻮﺭ، ﻭﺧﻠﻖ
ﺍﻟﺠﺎﻥ ﻣﻦ ﻧﺎﺭ، ﻭﺧﻠﻖ ﺁﺩﻡ ﻛﻤﺎ ﻭﺻﻒ ﻟﻜﻢ" ﺻﺤﻴﺢ
ﻣﺴﻠﻢ ﺑﺸﺮﺡ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ 18/123 .[20 ]
ﺍﻟﻤﺄﻛﻞ ﻭﺍﻟﻤﺸﺮﺏ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺠﻦ
ﺭﻭﻱ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴﻠﻢ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪﺍ
ﻗﺎﻝ " :ﺇﺫﺍ ﺃﻛﻞ ﺃﺣﺪﻛﻢ ﻓﻠﻴﺄﻛﻞ ﺑﻴﻤﻴﻨﻪ، ﻭﺇﺫﺍ ﺷﺮﺏ
ﻓﻠﻴﺸﺮﺏ ﺑﻴﻤﻴﻨﻪ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻳﺄﻛﻞ ﺑﺸﻤﺎﻟﻪ ﻭﻳﺸﺮﺏ
ﺑﺸﻤﺎﻟﻪ "[21 ]، ﻭﻓﻲ ﻣﺴﻨﺪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ
ﻣﺤﻤﺪ ﻗﺎﻝ: "ﻣﻦ ﺃﻛﻞ ﺑﺸﻤﺎﻟﻪ ﺃﻛﻞ ﻣﻌﻪ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ،
ﻭﻣﻦ ﺷﺮﺏ ﺑﺸﻤﺎﻟﻪ ﺷﺮﺏ ﻣﻌﻪ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ."[ 22]
ﻭﻓﻲ ﻣﺴﻨﺪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﺃﻳﻀًﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﻗﺎﻝ :
"ﺇﺫﺍ ﺩﺧﻞ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﻴﺘﻪ ﻓﺬﻛﺮ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻴﻦ ﻳﺪﺧﻞ
ﻭﺣﻴﻦ ﻳﻄﻌﻢ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ: ﻻ ﻣﺒﻴﺖ ﻟﻜﻢ ﻭﻻ ﻋﺸﺎﺀ
ﻫﻨﺎ، ﻭﺇﻥ ﺩﺧﻞ ﻭﻟﻢ ﻳﺬﻛﺮ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﺪ ﺩﺧﻮﻟﻪ، ﻗﺎﻝ:
ﺃﺩﺭﻛﺘﻢ ﺍﻟﻤﺒﻴﺖ، ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﺬﻛﺮ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﺪ ﻃﻌﺎﻣﻪ،
ﻗﺎﻝ : ﺃﺩﺭﻛﺘﻢ ﺍﻟﻤﺒﻴﺖ ﻭﺍﻟﻌﺸﺎﺀ "، [23] [24] ﻭﺗﻢ
ﺗﺨﺮﻳﺠﻪ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴﻠﻢ ﺃﻳﻀﺎ، ﻭﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ
ﻣﻦ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺴﻴﺮﺓ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﺩﻻﻟﺔ ﺻﺮﻳﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﻦ
ﻭﺍﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ ﺗﺄﻛﻞ ﻭﺗﺸﺮﺏ.
ﺗﺄﻛﻞ ﺍﻟﺠﻦ ﺍﻟﺮﻭﺙ ﻭﺍﻟﻌﻈﺎﻡ ﻓﻔﻲ ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻋﻦ
ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺃﻣﺮﻩ ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻴﻪ ﺑﺄﺣﺠﺎﺭ
ﻳﺴﺘﺠﻤﺮ ﺑﻬﺎ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ : "ﻭﻻ ﺗﺄﺗﻴﻨﻲ ﺑﻌﻈﻢ ﻭﻻ ﺭﻭﺛﺔ "،
[25 ] -ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻫﻨﺎ-، ﻭﻟﻤﺎ ﺳﺄﻝ ﺃﺑﻮ
ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻌﺪ ﻋﻦ ﺳﺮ ﻧﻬﻴﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻈﻢ
ﻭﺍﻟﺮﻭﺛﺔ، ﻗﺎﻝ: "ﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﻃﻌﺎﻡ ﺍﻟﺠﻦ، ﻭﺇﻧﻪ ﺃﺗﺎﻧﻲ
ﻭﻓﺪ ﻣﻦ ﺟﻦ ﻧﺼﻴﺒﻴﻦ ﻓﺴﺄﻟﻮﻧﻲ ﺍﻟﺰﺍﺩ، ﻓﺪﻋﻮﺕ ﺍﻟﻠﻪ
ﻟﻬﻢ: ﻭﺃﻥ ﻻ ﻳﻤﺮﻭﺍ ﺑﻌﻈﻢ ﻭﻻ ﺑﺮﻭﺛﺔ ﺇﻻ ﻭﺟﺪﻭﺍ ﻋﻠﻴﻬﺎ
ﻃﻌﺎﻣًﺎ ." ﻭﻓﻲ ﺳﻨﻦ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺻﺤﻴﺢ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ
ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﻗﺎﻝ : ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: " ﻻ ﺗﺴﺘﻨﺠﻮﺍ ﺑﺎﻟﺮﻭﺙ، ﻭﻻ ﺑﺎﻟﻌﻈﺎﻡ، ﻓﺈﻧﻪ
ﺯﺍﺩ ﺇﺧﻮﺍﻧﻜﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻦ" [26] ﻭﻓﻲ ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴﻠﻢ ﻋﻦ
ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ: ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﻗﺎﻝ: " ﺃﺗﺎﻧﻲ ﺩﺍﻋﻲ
ﺍﻟﺠﻦ، ﻓﺬﻫﺒﺖ ﻣﻌﻪ، ﻓﻘﺮﺃﺕ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ" ، ﻭﺳﺄﻟﻮﻩ
ﺍﻟﺰﺍﺩ ﻓﻘﺎﻝ: "ﻟﻜﻢ ﻛﻞ ﻋﻈﻢ ﺫﻛﺮ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻳﻘﻊ
ﻓﻲ ﺃﻳﺪﻳﻜﻢ، ﻭﺃﻭﻓﺮ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﺤﻤًﺎ، ﻭﻛﻞ ﺑﻌﺮﺓ ﻋﻠﻒ
ﻟﺪﻭﺍﺑﻜﻢ ." ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ: "ﻓﻼ ﺗﺴﺘﻨﺠﻮﺍ ﺑﻬﻤﺎ
ﻓﺈﻧﻬﻤﺎ ﻃﻌﺎﻡ ﺇﺧﻮﺍﻧﻜﻢ ." [27]
ﺍﻟﺘﺰﺍﻭﺝ
ﺍﻟﻨﻜﺎﺡ ﻭﺍﺭﺩ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺠﻦ ﻟﻠﺘﻜﺎﺛﺮ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺮﻑ ﻋﻨﻬﻢ ﺃﻧﻬﻢ
ﻳﺘﺰﺍﻭﺟﻮﻥ ﻛﻤﺎ ﻭﺭﺩ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻧﺺ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﻘﻮﻟﻪ:
ﻓِﻴﻬِﻦَّ ﻗَﺎﺻِﺮَﺍﺕُ ﺍﻟﻄَّﺮْﻑِ ﻟَﻢْ ﻳَﻄْﻤِﺜْﻬُﻦَّ ﺇِﻧْﺲٌ ﻗَﺒْﻠَﻬُﻢْ
ﻭَﻟَﺎ ﺟَﺎﻥٌّ [28 ] ( ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ، ﺍﻵﻳﺔ
56) ، ﻭﻗﺪ ﺯﻋﻢ ﻗﻮﻡ ﺃﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﺘﻨﺎﻛﺤﻮﻥ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ
ﺗﺒﻄﻠﻪ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﺍﻟﺼﺮﻳﺤﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ، ﺣﻴﺚ ﺩﻟﺖ
ﺍﻵﻳﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺻﻼﺣﻴﺘﻬﻢ ﻟﻠﺘﺰﺍﻭﺝ، ﻭﻗﺪ ﺣﺎﻭﻝ ﺑﻌﺾ
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻮﻟﻮﺝ ﻓﻲ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﻨﻜﺎﺡ ﻣﻦ ﺍﻹﻧﺲ ﻭﻫﺬﺍ ﻭﻫﻢ
ﻏﻴﺮ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻻﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﺠﻨﺲ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻭﺍﻟﺠﻦ، ﻭﻟﻜﻦ
ﻛﺮﻩ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺨﻮﺽ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﻭﻋﻠﻠﻮﺍ ﺫﻟﻚ
ﺑﻘﻮﻟﻬﻢ " :ﺇﺫﺍ ﻭﺟﺪﺕ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺣﺎﻣﻞ ﻓﻘﻴﻞ ﻣﻦ ﺯﻭﺟﻚ؟
ﻗﺎﻟﺖ: ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻦ ﻓﻴﻜﺜﺮ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ" ، ﻭﻟﻘﺪ ﺃﻧﻜﺮﻩُ ﻋﻠﻤﺎﺀ
ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﻗﺎﻝ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺟﺎﺋﺰ ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻮ ﺗﻢ ﺫﻟﻚ
ﻭﺣﺼﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻹﻧﺲ ﻭﺍﻟﺠﻦ ﺗﺰﺍﻭﺝ ﻓﻜﻴﻒ ﻧﻘﺮﺭ ﻣﺎ ﻻ
ﻧﺮﻯ، ﺑﻞ ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺷﺮ ﻛﺜﻴﺮ، ﻭﻛﻴﻒ ﻳﺤﺪﺙ
ﺍﻟﺘﺂﻟﻒ ﺑﻴﻦ ﺃﺟﻨﺎﺱ ﻣﺘﺨﺎﻟﻔﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻓﺘﺼﺒﺢ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ
ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ ﻻﻏﻴﺔ، ﻭﺯﻋﻢ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺠﻬﻠﺔ ﻭﺭﻭﺩﻫﺎ ﻓﻲ
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﺎﻟﻴًﺎ، ﻭﻳﺴﺄﻝ ﻓﺎﻋﻠﻬﺎ ﻋﻦ ﺣﻜﻤﻬﺎ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﻭﻫﻮ
ﻣﻐﻠﻮﺏ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﺮﻩِ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﻔﻜﺎﻙ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﻟﻮ ﺣﺪﺙ
ﺫﻟﻚ ﻷﻭﺟﺪﻧﺎ ﻣﺤﺎﻛﻢ ﻟﻠﻔﺼﻞ ﻓﻲ ﺯﻳﺠﺔ ﺍﻟﺠﻦ ﻭﺍﻹﻧﺲ
ﻭﻫﺬﺍ ﺃﻣﺮ ﻳﻄﻮﻝ ﺷﺮﺣﻪ ﻟﻜﻮﻧﻪِ ﺧﻴﺎﻝ ﺑﺤﺖ ﻣﻦ ﻧﺴﻴﺞ
ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﻭﺍﻟﺪﺟﺎﻟﻮﻥ. [ ﻣﺎ ﻫﻲ؟]
ﺷﺨﺼﻴﺎﺕ ﻣﻌﺮﻭﻓﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻦ
ﻭﺃﻭﺭﺩ ﺍﻟﺪﻣﻴﺮﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﻦ ﺃﺟﻨﺎﺱ، ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺠﻦ ﺍﻟﺨﺎﻟﺺ
ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺄﻛﻞ ﻭﻻ ﻳﻨﺎﻡ ﻭﻻ ﻳﺸﺮﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻻ
ﻳﺘﻮﺍﻟﺪ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺃﺟﻨﺎﺱ ﺗﺄﻛﻞ ﻭﺗﺸﺮﺏ ﻭﺗﺘﻨﺎﻛﺢ ﺫﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ
ﻭﻟﻢ ﻳﺤﺼﺮﻫﺎ ﻓﻲ:
ﺃﻡ ﺍﻟﺪﻭﻳﺲ.
ﺍﻟﺴﻌﺎﻟﻲ ﻣﻔﺮﺩﻫﺎ ﺳﻌﻠﻮﺓ ﺃﻭ ﺳﻌﻼﺓ.
ﺍﻟﻐﻴﻼﻥ .
ﺍﻟﻘﻄﺎﺭﺏ .
ﺑﻮﻋﻮ.
ﻋﻴﺸﺔ ﻗﻨﺪﻳﺸﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻦ ﻛﻤﺎ ﺟﺎﺀﺕ ﻫﻨﺎ ﺑﻞ
ﻫﻲ ﻗﺼﺔ ﻻﻣﺮﺍﺓ ﻣﻐﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻛﺎﻧﺖ
ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻭﺗﺨﺮﺝ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ﺍﻧﺘﻘﺎﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻗﺘﻠﻮ
ﻛﻞ ﻗﺒﻴﻠﺘﻬﺎ، ﺑﺤﻴﺖ ﺗﺴﺘﺪﺭﺟﻬﻢ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ﻭﺗﻘﺘﻠﻬﻢ
ﺑﺎﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﻛﺒﺮ ﺻﻴﺖ
ﺍﻣﺮﺍﺓ ﺗﺨﺮﺝ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ﻟﺘﻘﺘﻞ.
ﺣﻔﺎﻇﺔ ﻋﺒﺪﺓ .
ﻣﻴﺮﺍ.
ﺃﻡ ﺍﻟﺼﺒﻴﺎﻥ.
ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻔﺎﺕ ﺃﻋﻼﻩ ﻟﻤﺴﻤﻴﺎﺕ ﺍﻟﺠﻦ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻘﻂ، ﻭﻻ
ﻳﻮﺟﺪ ﺩﻟﻴﻞ ﻳﺒﻴﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ، ﻭﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﺫﻟﻚ
ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺳﻮﻯ ﻓﻲ ﺧﺮﺍﻓﺎﺕ ﺍﻟﻘﺼﺺ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﺪﺍﻭﻟﻬﺎ ﺍﻟﺒﺴﻄﺎﺀ، ﻣﺜﻞ ﻗﺼﺔ ﻋﻼﺀ ﺍﻟﺪﻳﻦ
ﻭﺍﻟﻤﺼﺒﺎﺡ ﺍﻟﺴﺤﺮﻱ، ﺃﻭ ﻣﺎﺭﺩ ﺍﻟﻤﺼﺒﺎﺡ ﻭﻋﻤﻮﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺮﺩ
ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﻤﻴﺎﺕ ﺫﻛﺮ ﻓﻲ ﻣﺼﺪﺭ ﻣﻮﺛﻮﻕ، ﺳﻮﻯ ﻛﻠﻤﺔ
ﺷﻴﻄﺎﻥ ﻭﺟﻦ ﺃﻭ ﻋﻔﺮﻳﺖ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻢ ﺫﻛﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺐ
ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻳﺔ. ﻭﻟﻐﻮﻳﺎ ﻳﻄﻠﻖ ﺟﻨﻲ ﻟﻠﻤﻔﺮﺩ ﻭﺟﻨﺎ ﻟﻠﺠﻤﻊ ﻓﺈﻥ
ﺃﺭﻳﺪ ﻣﻤﻦ ﻳﺴﻜﻦ ﺍﻟﺒﻴﻮﺕ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻗﻴﻞ ﻋﺎﻣﺮ، ﻓﺈﻥ
ﻛﺎﻥ ﻣﻤﻦ ﻳﺘﻌﺮﺽ ﻟﻸﻃﻔﺎﻝ ﻭﺍﻟﺼﺒﻴﺎﻥ ﻗﻴﻞ ﺭﻭﺡ ﺃﻭ
ﺃﺭﻭﺍﺡ، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺧﺒﻴﺜﺎ ﺳﻤﻲ ﺷﻴﻄﺎﻥ، ﻓﺈﺫﺍ ﺯﺍﺩ ﺧﺒﺎﺛﺔ
ﻭﺷﺮﺍ ﻗﻴﻞ ﻣﺎﺭﺩ، ﻓﺈﻥ ﻗﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻞ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺳﻤﻲ
ﻋﻔﺮﻳﺘﺎ. ﻭﻭﺭﺩ ﺫﻛﺮﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺄﻧﻬﻢ
ﻳﺘﺼﻮﺭﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻭﺍﻟﺒﻬﺎﺋﻢ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ
بﻳﺘﺼﻮﺭ ﺑﺸﻜﻞ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﻫﺬﺍ ﻭﻫﻤﺎ ﻟﻠﻌﻴﻦ ﻻ ﺣﻘﻴﻘﺔ
ﻣﺎﺩﻳﺔ ﻟﻪ، ﻭﻭﺭﺩ ﺫﻛﺮ ﺗﺼﻮﺭ ﺍﻟﺠﻦ ﻓﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﻘﻂ
ﺍﻷﺳﻮﺩ ﻭﺍﻟﻜﻠﺐ ﺍﻷﺳﻮﺩ، ﺑﻞ ﻭﺭﺩ ﺫﻛﺮﻫﻢ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ
ﺃﺩﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ
ﺑﺄﻥ ﻟﻪ ﻟﺤﻴﺔ ﻣﺪﺑﺒﺔ ﻭﻗﺮﻧﺎﻥ ﻭﺭﺍﺱ ﺃﺳﻮﺩ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ
ﻛﻤﺎ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﺻﻔﺤﺔ .357