بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
نراهم دوماً هنا وهناك يختلسون بنظرهم الحركات والسكنات كي يسجلوا أي هفوة أو زلة على أحد من الناس، ولو لم تكن مقصودة ليدينوه بها، محاولين سحب البساط من تحت قدميه، وبعد ذلك تبدأ عملية تدميره.
هل عرفتم من هم؟ إنهم صيادو الأخطاء الذين لا ينظرون إلى الأمور الإيجابية، بل همهم الوحيد هو البحث عن الأخطاء لدى غيرهم.
فنحن لسنا معصومين عن الخطأ، فكلنا نخطئ ونحاول التعلم من أخطائنا، ولكن هؤلاء المتربصين المتطفلين لا يكون الهدف من صيدهم الإصلاح، وإنما التخريب فقط.
إن من يبحث عن عثرات الناس ويتلذذ بها هو أكثر من يتعثر وتكثر أخطاؤه؛ لأنه ترك تطوير نفسه، وكرسها لمراقبة الناس فهوى ووقع .. ومات هماً وغماً.
ولا شك أنهم يستمتعون كثيراً بذلك؛ لأنهم يبحثون عن الإثارة و(الأكشن)، ويلجأون لمثل هذا التصرف السلبي نتيجة حسد وحقد وغيرة، فهم لديهم شعور بالنقص يريدون تعويضه بأي طريقة، وربما هو غرور ليثبتوا أنهم أفضل من غيرهم. لذلك نراهم يبحثون عن أخطائهم، ويفسرون مواقفهم وكلامهم كما يحلو لهم.
وما من شك أن تصيّد الأخطاء المتفشي في مجتمعاتنا يجلب الخلافات، ويزرع الفتن، ويقطع حبال الود والمحبة بين الناس. يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه). رواه الترمذي.
فمهما كانت المبررات لا يحق لنا أن نتدخل في شؤون غيرنا، ونشغل أنفسنا بعيوبهم، علينا أن ننشغل بأنفسها ونقوم بتقويمها أولاً.
فعندما نتغافل عن أخطاء الآخرين ونتجاوزها، فذلك يساعدنا على العيش بسلام وحب، لأننا قد ركزنا بذلك على الجانب الجميل فيهم دون النظر إلى هفواتهم الصغيرة التي لا تستحق التضخيم.
وعندما قيل للإمام أحمد إن التغافل تسعة أعشار العقل، قال: (بل هو العقل كله).
وختاماً أقول؛ قد يكون ما يفعله هؤلاء المتربصون مثبطاتٍ، لكن الإنسان الناجح الواعي يجب ألا يتأثر بما يقال عنه .. فالكل يعلم أن الشجرة المثمرة هي فقط من يقذفها الناس بالحجارة، بل عليه أن يحوّل مواقفهم السلبية تجاهه إلى إيجابية بعد أن يجعلهم بمثابة المجهر المسلط على أخطائه الدقيقة، كي يراها ويتلافاها على نهج الإمام الشافعي وفلسفته الجميلة حين قال:
عداتي لهم فضلٌ علي ومِنَّةٌ
فلا أذهبَ الرحمنُ عني الأعاديا
همُ بحثوا عن زلتي فاجتنبتها
وهمْ نافسوني واكتسبتُ المعاليا